الأحد، 7 سبتمبر 2014

#حقوق_الجار

الشيخ عبدالعزيز الفوزان
-    حسن معاملة الجار من أهم أسباب سعادة المجتمع


   حق الجار على جاره ثلاث مراتب أعلاها الإحسان إليه وأدناها كف الأذى عنه

    الاجتماعات الدورية مع الجيران من مقومات مراعاة حق الجار


عظم الإسلام الجار وكفل له حقوقا ما كانت  - ولن تكون - في أي ديانة أخرى،

أو مواثيق حقوق الإنسان المزعومة، بل وصل  تكريم الله عز وجل للجار إلى الحد الذي كاد معه أن يورثه، كما جاء في الحديث عن عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيُورِّثه"


 ( البخاري ومسلم)، وهو ما أكده فضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان المشرف العام على شبكة قنوات ومواقع ومنتديات رسالة الإسلام، وأستاذ الفقه لمشارك بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية، وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان، موضحا أن الإسلام قد وضع نظامًا فريدًا للاجتماع، لحمته التراحم والتعاطف، وسداه التكافل والتكاتف، ومبناه على التعاون على البر والتقوى، والتناهي عن الإثم والعدوان، وقيام كل مسلم بما يجب عليه تجاه من يعامله أو يصل إليه. وقد عظم الله حق المسلم على المسلم، وحق القريب على قريبه، وحق الجار على جاره، وأن القيام بهذه الحقوق من أهم أسباب السعادة للفرد والمجتمع. فإن الناس في هذه الدنيا ممتحنون، والمصائب تحيط بهم من كل جانب.
ويضيف الشيخ أن الإنسان بمفرده أضعف من أن يصمد طويلاً أمام هذه الشدائد، ولئن صمد، فإنه يعاني من المشقة والجهد ما كان في غنى عنه لو أن إخوانه التفتوا إليه، وحدبوا عليه، وهرعوا لنجدته، وأعانوه في مشكلته، فالمرء قليلٌ بنفسه، كثيرٌ بإخوانه وجيرانه وأهله، وأقرب الناس إلى الإنسان، وأكثرهم ملابسة له، ومعرفة بأحواله ـ بعد أهله وقرابته ـ هم جيرانه.
أنواع الجيران
وفي سياق أخر، أشار الدكتور الفوزان إلى أن النصوص الشرعية قد دلت على أن الجيران ثلاثة:

 جار له ثلاثة حقوق، وهو الجار المسلم القريب، له حق الجوار، وحق الإسلام، وحق القرابة،

ثم جار له حقان، وهو الجار المسلم، له حق الجوار، وحق الإسلام،

ثم جار له حق واحد، وهو الجار الكافر، وله حق الجوار ، وهؤلاء كلهم لهم حق الجوار، وإن كان حقهم متفاوتًا بحسب تفاوت أحوالهم، قال الله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ ...} (النساء 36)، فجمع ـ سبحانه ـ بين الأمر بعبادته والأمر بالإحسان إلى خلقه، ومن ذلك الإحسان إلى الجار مسلمًا كان أم كافرًا، قريبًا أم غريبًا، ملاصقًا أم بعيدًا، وقوله تعالى: } والجار ذي القربى { أي: الذي بينك وبينه قرابة، والجار الجنب أي الغريب الذي لا قرابة بينك وبينه، وهذا قول أكثر المفسرين، وقيل: [ الجار ذي القربى ] هو الجار المسلم، } والجار الجنب { هو الجار الكافر، وقيل: } الجار ذي القربى { هو الجار القريب جواره، } والجار الجنب { هو المجانب، وهو من يصدق عليه مسمى الجوار مع كون داره بعيدة، وكل هذه المعاني صحيحة والآية تشملها وتدل عليها.
حد الجار
من ناحية أخرى، تباينت أقوال العلماء في من يشمله اسم الجوار على أقوال كثيرة، وهو ما أكده فضيلة الشيخ، فمن ذلك ما جاء عن عليـ رضي الله عنهـ أنه قال: " من سمع النداء فهو جار "، فكل من يسمع صوت مؤذن الحي الذي يؤذن بدون مكبر صوت، فإنهم يعتبرون جيرانًا، وقيل: من سمع إقامة الصلاة، فهو جار، وقيل: من صلى معك صلاة الفجر في المسجد فهو جار، وقيل: من جمعتهم محلة أو حي، فهم جيران، وقيل: حد الجوار أربعون دارًا من كل ناحية. وهذا قول عائشة والأوزاعي والحسن البصري والزهري وغيرهم،  والراجح أن حد الجوار يرجع فيه إلى العرف، لأن القاعدة الشرعية تقول: كل ما ورد به الشرع مطلقًا، ولا ضابط له فيه، ولا في اللغة، يرجع فيه إلى العرف.
عظم حق الجار ومراتبه
كما حث فضيلة الشيخ الفوزان على الإحسان إلى الجيران كلهم، قريبهم وبعيدهم، برهم وفاجرهم، مسلمهم وكافرهم. كلٌ بحسب قربه وحاجته وما يصلح لمثله، مصداقا لقول الله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ ...} (النساء 36)، وكما جاء عن عائشة وابن عمر ـ رضي الله عنهم ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " (البخاري ومسلم)


وأضاف فضيلته أن حق الجار على ثلاث مراتب، أما المرتبة الأولى: وهي كف الأذى عنه، فهي أقل ما يجب على الجار تجاه جاره، فإنه إذا لم يحسن إليه، فلا أقل من أن يكف أذاه عنه، والله تعالى يقول: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا }(الأحزاب 58)، فكيف إذا كان المؤذَى هو جارك المؤمن، فإن الإثم أشد، ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره " (البخاري)، وفي موضع أخر عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: " والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه "


(البخاري)، فأقسم ثلاث مرات على نفي الإيمان عمن لا يأمن جاره بوائقه، كما نفى عنه دخول الجنة، وهذا الوعيد  الشديد ينبىء عن تعظيم حق الجار، وأن الإضرار به من الكبائر، وهذا يدل على أن أذى الجار من الأسباب الموصلة إلى النار، وأن كف الأذى عنه سبيل موصل إلى الجنة.

أما المرتبة الثانية، من مراتب حق الجار، فهي احتمال الأذى منه، والتغاضي عنه، والتغافل عن زلته، فعن عثمان بن زائدة قال: العافية عشرة أجزاء، تسعة منها في التغافل. فحُدث بذلك أحمد بن حنبل، فقال: العافية عشرة أجزاء، كلها في التغافل، حيث أن السلامة من أذى الناس، لا يكون إلا بالتغافل عن شرورهم، والتغاضي عن ظلمهم وغشمهم، وعدم مؤاخذتهم بكل ما يصدر منهم. ومن وفق لذلك فهو العاقل الموفق، والسيد المسوَّد،

 والمرتبة الثالثة، فهي إكرام الجار والإحسان إليه، والإحسان إلى الجار معنى واسع تدخل فيه أنواع كثيرة من المكارم والفضائل التي أمر بها الإسلام، فكل ما يجب للمسلم على المسلم من حقوق فإنه يجب على الجار لجاره المسلم من باب أولى وأحرى، لأن له حق الإسلام وحق الجوار أيضًا.


أهمية الاجتماعات بين الجيران
وأختتم فضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان المشرف العام على شبكة قنوات ومواقع ومنتديات رسالة الإسلام، وأستاذ الفقه لمشارك بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية، وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان، حديثه عن حق الجار، بالتطرق إلى بعض الأمور المعينة على القيام بحق الجار، وبخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الشواغل والصوارف والمغريات، ومن تلك الأمور، التقاء الجيران بشكل دوري، واجتماعهم في كل شهر أو شهرين عند أحدهم أو على التناوب فيما بينهم، والاستفادة من ذلك بالتعارف والتآلف، وتوثيق المحبة والصلة بينهم، والوقوف على أحوال بعضهم البعض، ومشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم، كما ينبغي العناية بأمر الناشئة والشباب، والحرص على تهيئة البيئة الصالحة لتربيتهم وإعدادهم، وحمايتهم من أنواع  المنكرات والفواحش التي قد تنتشر في بعض الأحياء، بسبب إهمال الجيران والآباء، وعدم تعاونهم على تربية هؤلاء الأبناء، وتكوين المناخ الصالح لتزكية نفوسهم، وتهذيب أخلاقهم، وحثهم على التنافس في الخير، والبعد عن مواطن الفساد والشر. 
http://fiqh.islammessage.com/NewsDetails.aspx?id=8848

هناك 7 تعليقات: